كان تشارلز ديلون بيرين (1867-1951) عالم فلك أمريكي كرس حياته لرسم خريطة للسماء، تاركًا وراءه إرثًا من الاكتشافات وقصة رائعة من الكفاح الشخصي. في حين أنه اشتهر باكتشافه لثمانية من أقمار المشتري وتسعة مذنبات، إلا أن حياته كانت مليئة بالانتصارات العلمية والاضطرابات السياسية.
ولد بيرين عام 1867، وأدى شغفه بالنجوم إلى انضمامه إلى مرصد ليك في كاليفورنيا، حيث بدأ رحلته الفلكية. شهدت هذه الفترة إنجازاته الأكثر شهرة: اكتشافه لقمرين من أقمار المشتري (يُعرفان الآن باسم بيرين 1 وبيرين 2) وتسعة مذنبات. عززت هذه الاكتشافات سمعته كراقب ماهر وساهمت بشكل كبير في فهمنا للنظام الشمسي.
ومع ذلك، لم تكن فترة عمله في مرصد ليك خالية من التحديات. فقد اصطدم مع مدير المرصد، إدوارد هولدن، حول أولويات البحث والموارد. أدى هذا الخلاف في النهاية إلى رحيل بيرين عن مرصد ليك عام 1909 ليشغل منصب مدير مرصد كوردوبا في الأرجنتين.
وجد بيرين في الأرجنتين أرضًا خصبة لطموحه. أسس المرصد كمركز للبحث الفلكي، وقام ببناء تلسكوب عاكس بقطر 30 بوصة واستخدمه لمراقبة وتصنيف المجرات الجنوبية. عملت أبحاثه في هذه المنطقة على توسيع معرفتنا بالكره السماوية الجنوبية بشكل كبير.
تصور بيرين أيضًا كتالوجًا شاملاً للنجوم، وهو مشروع اعتبره تحفته الفنية. ومع ذلك، فقد أدى مشروعه الطموح وشخصيته الصريحة إلى جذب أعداء سياسيين، مما أدى إلى فترة من الصراع الشديد والمؤامرة. وفي عام 1936، وبعد نجاته من محاولة اغتيال ضيقة، اضطر بيرين إلى التقاعد، مما أنهى مسيرته النشطة في علم الفلك.
على الرغم من الظروف الصعبة، يظل الإرث العلمي لبيرين قويًا. فإكتشافاته لأقمار المشتري والمذنبات، ومساهماته في أبحاث المجرات الجنوبية، ورؤيته لكتالوج نجوم شامل، تعد شهادة على تفانيه في علم الفلك. ومع ذلك، فإن قصة حياته تُذكّرنا بأنه حتى في سعينا إلى الحقيقة العلمية، لا يمكننا دائمًا الهروب من تعقيدات وتقلبات الشؤون الإنسانية.
لا يحدد إرث تشارلز ديلون بيرين باكتشافاته فحسب، بل بروح الرجل الثابتة التي واجهت الشدائد بقوة راسخة، تاركًا وراءه إرثًا من الإنجاز العلمي وقصة من المؤامرات السياسية، كل ذلك على خلفية كون واسع ورائع.
Comments