تُعَدّ ماريا ميتشل (1818-1888) أول عالمة فلك في الولايات المتحدة الأمريكية. كانت رائدة في مجالها، تحدّت التوقعات المجتمعية وفتحت طريقاً للنساء في مجال العلوم. حياتُها وعملُها يُشكلان مصدر إلهام لأجيال من العلماء الطموحين.
ولدت ماريا في جزيرة نانتوكيت، ماساتشوستس، ونمَت لديها شغفٌ بعلم الفلك في سنٍ مبكرة. غرَس والدها، وليام ميتشل، وهو مُعلّم وعالم فلك هاوٍ، في قلبها حبّ النجوم. حتى أنه بنى لها مرصدًا صغيرًا في فناء منزلهم، حيث كانت تقضي ساعات لا تُحصى في مراقبة السماء ليلاً.
في عام 1847، وعندما كانت في التاسعة والعشرين من عمرها، حققت ماريا اكتشافًا هائلاً. باستخدام تلسكوب صغير، لاحظت جسمًا خافتًا مُشوشًا يتحرك مقابل خلفية النجوم. كان مذنبًا، سُمي لاحقًا **مذنب ميتشل**. أدّى هذا الاكتشاف إلى شهرتها العالمية ورسّخ مكانتها في تاريخ علم الفلك.
هذا الإنجاز جعل ماريا تُعرف بـ **"عالمة فلك نانتوكيت"** وأدى إلى انتخابها أول امرأة في **الأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم** في عام 1848. كانت أيضًا أول امرأة تُعيّن أستاذةً لعلم الفلك، حيث شغلت هذا المنصب في كلية فاسار من عام 1865 حتى تقاعدها في عام 1888.
بالإضافة إلى اكتشافها للمذنب، قدمت ماريا مساهمات كبيرة في مجال علم الفلك. كانت مراقبة ماهرة، حيث رسمت بدقة مواضع النجوم والكواكب. كرسّت نفسها أيضًا للتعليم، وألهمت أجيالًا من الشابات على متابعة طموحاتهن العلمية. مهّد عملُها الطريق لعلماء الفلك من النساء في المستقبل، وكسر الحواجز الجندرية في مجال سُيطر عليه الرجال تقليديًا.
**يتجاوز إرث ماريا ميتشل إنجازاتها العلمية**. كانت مدافعةً قويةً عن حقوق المرأة والتعليم. اعتقدت أن النساء قادرات على تحقيق إنجازات عظيمة في العلوم، ودعمت بنشاط وصول النساء إلى التعليم العلمي والفرص المهنية.
اليوم، يُرادف اسم ماريا ميتشل التميز العلمي والمثابرة. تُذكّرنا قصتها بأن الشغف والتفاني والرفض قبول القيود يمكن أن يؤدي إلى إنجازات استثنائية، بغض النظر عن الجنس أو التوقعات المجتمعية. يُواصل إرثها إلهام العلماء الطموحين ويُذكّرنا بأهمية التنوع والشمولية في السعي وراء المعرفة.
Comments