بينما يرتبط اسم "ويل هَاي" في أذهانِ الكثيرينِ بالضَّحِكِ والمَسْرَحِياتِ المُسْتَغْلِبَة، فإنَّ قَليلاً مِنَ النَّاسِ يُدرِكُ أنّ هَذَا المُسَكْهِرُ البِرِيطَانِي المُحَبَّبُ كَانَ أيضاً عَالِمَ فَلكِ هَوَاةِ مَاهِرًا، يَحْتَوِي على اكتشافٍ لُؤلؤِيٍّ بِاسْمِهِ.
وُلِدَ ويْل تِمْبْسُن، باسم ويْل هَاي في عام 1888، وكانَتْ حَياتُهُ مَزْجاً مُثِيراً مِنَ الفُكَاهَةِ والفضولِ العِلْمِيّ. صَعِدَ إلى الشَّهْرَةِ على مَسْرَحِ التَّمْثِيْلِ، ثمَّ على شاشَةِ السِّينما، مُنَوِّراً حَياتِ النَّاسِ بِشَخْصِيّاتِهِ الذَّكِيَةِ وَمَجْرَياتِهِ المُضْحِكَةِ. وَلَكِنْ وَرَاءَ وَجْهِهِ المُسْكِهِرِ كَانَتْ شَغَفٌ بِسَمَاءِ اللَّيْلِ.
حَمَلَ هَاي في يَدِهِ تِلِسْكُوْبًا كَسْرِيًّا بِقطرِ 6 بُوصَاتٍ في مرْصَدِهِ الخَلْفِيّ، وقَضَى حَوْلَ سَاعَاتٍ لا حَدَّ لَهَا يُراقِبُ عَجَائِبَ السَّمَاءِ. وَدَفَعَتْهُ إِخلاصُهُ إلى النَّجَاحِ في عام 1933، حِينَ أَجْرَى مَشاهَدَةً ثَوْرِيَّةً – اكتِشافِ بُقْعَةٍ بِيْضَاءَ كَبِيرَةٍ وَبَارِزَةٍ على سَطْحِ كوكبِ زُحَل.
لَمْ تَكُنْ هَذِهِ بُقْعَةً عَاديَةً. كَانَتْ أَكْبَرَ بُقْعَةٍ بِيْضَاءَ وَأَكْثَرَهَا بَرُوْزًا على كوكبِ زُحَلِ في ذَلِكَ الوَقْتِ. وَجذَبَتْ انتِباهَ المُجْتَمَعِ العِلْمِيّ، مُشْعِلَةً ابْحاثًا وَجدلاً حَادًّا عَنْ طَبْعِهَا وَأَصْلِهَا.
وَأَكَّدَ هَذَا الاكتشافُ مَكَانَةَ هَاي في تَارِيخِ العِلْمِ الفَلكِيّ، مُؤَكِّدًا مَهَارَتَهُ كَمُراقِبٍ، وَمُبَيّنًا أنّ الشَّغَفَ والِخلاصَ قَدْ يُؤَدِّيَا إلى اكتِشافاتٍ هامَّةٍ، حَتّى في المِجَالاتِ التي تَبدو بعيدةً ظاهريًّا عَنْ مِهْنَةِ الشَّخْصِ. تُسلِّط قِصّتُهُ الضَّوءَ على أهميَّةِ احتِضانِ المَصَالِحِ المُتَنَوِّعَةِ وَتُثْبِتُ أنّ حَتّى المِجَالاتِ المُتَفَرِّقَةِ ظاهريًّا، مثلِ الفُكَاهَةِ والعِلْمِ الفَلكِيّ، تَتَشابَكُ بطُرقٍ غَيْرِ مُتَوَقَّعَةٍ وَفَاسِقَةٍ.
بينما يَسْتَمْرُّ تَرَاثُ هَايِ الكُومِيدِيّ في تَسْلِيَةِ الأَجيالِ، يَعْمَلُ إنجازُهُ الفَلكِيّ كَشَهَادَةٍ على قُوَّةِ الفُضُولِ البَشَرِيّ وَفَرَحَ اكتِشافِ المَجْهُولِ، بِصَرفِ النَّظَرِ عَنْ المِهْنَةِ المُخْتَارَةِ.
Comments